نصير شمّه يشفي جروحه بموسيقاه في عاصمة النور
بدأت بينه وبين العود قصة حب منذ سن يفاعته، فتمرست أنامله على مداعبة الأوتار مثلما تداعب الفراشة الأزهار، قرأ الشعر والفن التشكيلي، وجعل المقامات الموسيقية مؤشرا لقراءة الحب والبشر، أسماه البعض “زرياب الصغير”، إنه الموسيقار العالمي العراقي نصير شمه.

أحيا الموسيقار العراقي نصير شمه حفلا فنيا ضخما في الخامس والعشرين من شهر فبراير الماضي تحت عنوان "قارات"، استضاف فيه أهم عازفي العالم بمسرح الأولمبيا الشهير في العاصمة الفرنسية باريس الذي فتح أبوابه مجددا لاستقبال أكبر الحفلات العالمية بعد أحداث باريس الدامية في نوفمبر 2015.
شمه استضاف في حفله مجموعة من كبار العازفين على مستوى العالم وهم كل من: يدي لوكود على الكمان، الذي يعدّ نجما من نجوم الجاز بفرنسا، ومن الباراغواي فيكتور أسبينولا على الهارب، الذي اشتهر كثيرا بمهاراته خاصة في أميركا اللاتينية، ومن تونس أمين بوحافة على البيانو الذي سطع نجمه منذ سنوات كملحن لموسيقى أفلام.
ومن الولايات المتحدة إيرا كولمان على الكونترباص، الذي رافق المشاهير أمثال توني وليامس، ومن البرازيل جورج باسيرا على الإيقاع، وهو نجم الإيقاع الأول بالبرازيل والحائز على وسام الإيقاع في مهرجان الجاز العالمي بباكو، ومن تركيا سيركان كاقري على الكلارينات، وهو نجم من نجوم آلة الكلارينات، و“قارات” أتى استجابة لرسالة بابا الفاتيكان الذي طلب أن تكون 2016 سنة السلام، حيث يقول من خلالها نصير شمه وزملاؤه الموسيقيون “إننا نحن صناع السلام، يجب أن نقف معا لتلبية نداء البابا الذي يتماشى مع نداء الأزهر ومبادئ السلام الكوني لكل الديانات”.
وفي حديث للكلمة مع الموسيقى وللجرح مع الموسيقى كان لـ”العرب” مع الموسيقار العراقي نصير شمه، حوار تحدث فيه عن حفله الذي أقيم في الخامس والعشرين من شهر فبراير الماضي، عمل نصير في مشروعه على الموسيقى والشعر والفن التشكيلي.
بداية عند سؤال شمه عن رأيه؛ إن استطاع فعلا أن يقيم التوازن في مشروعه الذي عمل عليه حول الموسيقى والشعر والفن التشكيلي، أجاب الفنان العراقي: الموسيقى هي الفن الذي يتسع لكل الفنون، وهي رابط لها جميعا، لكن الصعب هو إعادة إنتاج أيّ عمل شعري أو فني تشكيلي من جديد بشكل موسيقي، إذ أن هذا يتطلب القدرة على إعادة الخلق من جديد للنص أو اللوحة، وفي نفس الوقت، يجب تقديمها بنفس الروح الحقيقية، في الحقيقة هذا يعتمد على ثقافة الموسيقي، وعلى صدقه الكامل مع ذاته وكيفية تلقيه للنص أو اللوحة، وبالتالي إعادة إنتاجها بتمكنه أيضا من أدواته الموسيقية، فالموسيقى تعيد كتابة الفنون الأخرى، وقد حاولت ومازلت أتبنى هذا المشروع، وأتمنى أن أغنيه بقدر ما أغناني.
تأثر بالعمالقة
تأثر العراقي نصير شمه بالعديد من الأسماء في مسيرته الفنية، وفي معرض إجابته عن تعريف سريع بالأسماء التي تأثر بها، وما تمثله له، وطبيعة تأثيرها في تجربته الإبداعية، بدأ بابن عربي قائلا: أعتقد أن ابن عربي هو قائد لتطلعاتي ولأحلام يقظتي، لقد تعلمت منه أشياء لم تقدر كل الحياة أن تعلمني إياها، هذا الرجل أعطى بعدا جديدا للعلاقة بالخالق وبالإنسان وللعلاقة بالحب، لقد كان أهم ما ميّز ابن عربي هو “التخلي والتحلي”، فقد تخلّى عن كل شامل، وتحلّى بعلاقته الروحية، لقد كان كونيا، لم يكن حكرا على دين أو طائفة، هو ومولانا جلال الدين الرومي والحلاج، لقد أعطوا بعدا إنسانيا يتجاوز الدين بحدّ ذاته، فقد تجاوزوه إلى فكر آخر، تجاوزوه إلى فكر بعيد جدا، إلى فكر منفتح مع الآخر، هذه الصورة التي عليه أن يعود إليها الإنسان الآن.
وأشار شمه: لقد أثر الصوفيون كثيرا في موسيقاي وخصوصا النفري والحلاج فهما الأقرب إلى روحي، وقد عملت لهما ليالي كاملة، وهي ثمانية ألحان من نصوصهما، قدمناها على مدى اثنتي عشرة سنة، كان آخرها في افتتاح قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، وكانت ليلة فيها من كل هذه الأسماء، نقل لروح نصوصهم إلى الموسيقى.
أما بخصوص الشاعر أمل دنقل، فأوضح شمه: أمل شاعر خارج عن بوصلة الشعر، ه